الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } * { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } * { فَوَقَٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } * { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً } * { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } * { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } * { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } * { قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } * { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } * { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } * { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } * { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } * { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } * { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً } * { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } * { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } * { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } فيما بينهم وبين ربهم ولم يتكلموا به لكن أخبر الله عن صدق قلوبهم فقال إنما نطعمكم لوجه الله لثواب الله وكرامته { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً } مكافأة تجازوننا به { وَلاَ شُكُوراً } محمدة تحمدوننا به { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا } من عذاب ربنا { يَوْماً عَبُوساً } كلوحاً { قَمْطَرِيراً } شديداً يقول شديد عذاب ذلك اليوم وهوله ويقال هو تعيس الوجه { فَوَقَاهُمُ ٱللَّهُ } دفع عنهم { شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلْيَومِ } عذاب ذلك اليوم { وَلَقَّاهُمْ } أعطاهم { نَضْرَةً } حسن الوجوه والبهاء { وَسُرُوراً } فرحاً في القلب { وَجَزَاهُمْ } أعطاهم { بِمَا صَبَرُواْ } في الدنيا على الفقر والمرازي { جَنَّةً وَحَرِيراً مُّتَّكِئِينَ فِيهَا } جالسين ناعمين في الجنة { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } على السرر في الحجال فلا تكون أريكة إلا إذا اجتمعا فإذا تفرقا فليس بأريكة { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } يقول لا يصيبهم حر الشمس ولا برد الزمهرير { وَدَانِيَةً } قريبة { عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } ظلال الشجر { وَذُلِّلَتْ } سخرت وقربت { قُطُوفُهَا } ثمرها { تَذْلِيلاً } تسخيراً { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ } في الخدمة { بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ } كيزان بلا آذان ولا عرا { كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا } على أكف الغلمان { تَقْدِيراً } ويقال قدروا الشراب فيها تقديراً لا يفضل ولا يعجز { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا } في الجنة { كَأْساً } خمراً { كَانَ مِزَاجُهَا } خلطها { زَنجَبِيلاً عَيْناً فِيهَا } في الجنة { تُسَمَّىٰ } تلك العين { سَلْسَبِيلاً } ويقال سل الله إليها سبيلاً { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } في الخدمة { وِلْدَانٌ } وصفاء { مُّخَلَّدُونَ } في الجنة لا يموتون ولا يخرجون ويقال محلون { إِذَا رَأَيْتَهُمْ } لو رأيتهم يا محمد { حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } في الصفاء ويقال كثيراً قد نثر عليهم { وَإِذَا رَأَيْتَ } يا محمد { ثَمَّ } في الجنة { رَأَيْتَ } لأهلها { نَعِيماً } دائماً { وَمُلْكاً كَبِيراً } لا يدخل عليهم أحد إلا بالسلام والاستئذان { عَالِيَهُمْ } على أكتافهم إن قرأت بالألف { ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ } ما لطف من الديباج { وَإِسْتَبْرَقٌ } ما ثخن من الديباج { وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } ألبسوا أقبية من فضة { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } من الدنس ويقال يطهرهم من الغل والغش والعداوة { إِنَّ هَـٰذَا } الذي وصفت من الطعام والشراب واللباس { كَانَ لَكُمْ جَزَآءً } ثواباً من الله { وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً } عملكم مقبولاً في الزيادة { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } جبريل بالقرآن { تَنزِيلاً } متفرقاً آية وآيتين وسورة { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } على قضاء ربك ويقال على تبليغ رسالة ربك { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ } من كفار قريش { آثِماً } فاجراً كذاباً يعني الوليد ابن المغيرة { أَوْ كَفُوراً } كافراً بالله وهو عتبة بن ربيعة { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ } صل بأمر ربك { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } غدوة وعشياً يعني صلاة الفجر والظهر والعصر { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ } فصل صلاة المغرب والعشاء { وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } صل له في الليل وهو التطوع ويقال كان خاصة عليه دون أصحابه صلاة الليل { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ } أهل مكة { يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } العمل للدنيا { وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ } يتركون العمل لما أمامهم { يَوْماً ثَقِيلاً } شديداً هوله وعذابه { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } يعني أهل مكة { وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } قوينا خلقهم { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ } يعني أهلكناهم { تَبْدِيلاً } إهلاكاً يقول لو شئنا لأهلكنا هؤلاء الكفرة الفجرة وبدلنا خيراً منهم وأطوع لله { إِنَّ هَـٰذِهِ } السورة { تَذْكِرَةٌ } عظة من الله { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ } فمن شاء وحد واتخذ بذلك إلى ربه { سَبِيلاً } مرجعاً { وَمَا تَشَآءُونَ } من الخير والشر والكفر والإيمان { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } لكم أن تشاؤوا ذلك { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } بما تشاؤون من الخير والشر { حَكِيماً } حكم أن لا تشاؤوا من الخير والشر إلا ما يشاء { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } يكرم من يشاء بدين الإسلام من كان أهلاً لذلك { وَٱلظَّالِمِينَ } الكافرين المشركين { أَعَدَّ لَهُمْ } عذاباً قريباً في الآخرة { عَذَاباً أَلِيماً } وجيعاً يخلص وجعه إلى قلوبهم.