الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ } * { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } * { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } * { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ }

{ وَنَزَعْنَا } أَخرجنا { مَا فِي صُدُورِهِم } قلوبهم { مِّنْ غِلٍّ } بغض وحسد وعداوة في الدنيا { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ } في الآخرة من تحت مساكنها وسررهم { ٱلأَنْهَارُ } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { وَقَالُواْ } إذا بلغوا إلى منازلهم ويقال إلى عين الحيوان { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } الشكر والمنة لله { ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } المنزل والعين { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ } إليه ويقال لما رأوا كرامة الله بإيمان قالوا الحمد لله والشكر والمنة لله الذي هدانا لهذا الدين دين الإسلام وما كنا لنهتدي لدين الإسلام لولا أن هدانا الله لدينه { لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } بالصدق والبشرى بالثواب والكرامة { وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا } أعطيتموها { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } وتقولون في الدنيا من الخيرات { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا } من الثواب والكرامة { حَقّاً } صدقاً كائناً { فَهَلْ وَجَدتُّم } يا أهل النار { مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ } من العذاب والهوان { حَقّاً } صدقاً كائناً { قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ } فنادى مناد بين أهل الجنة والنار { أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ } عذاب الله { عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } الكافرين { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يصرفون الناس عن دين الله وطاعته { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } يطلبونها مغيرة { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ } بالبعث بعد الموت { كَافِرُونَ } جاحدون { وَبَيْنَهُمَا } بين الجنة والنار { حِجَابٌ } سور { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } وعلى السور رجال وهم قوم استوت حسناتهم بسيئاتهم ويقال هم قوم كانوا علماء فقهاء شاكين في الرزق { يَعْرِفُونَ كُلاًّ } كلا الفريقين من دخل النار ومن دخل الجنة { بِسِيمَاهُمْ } يعرفون من دخل النار بسواد وجهه وزرقة عينيه ومن دخل الجنة ببياض وجهه أغر محجل { وَنَادَوْاْ } يعني أهل السور { أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } يا أَهل الجنة { لَمْ يَدْخُلُوهَا } { وَهُمْ يَطْمَعُونَ } في الدخول يعني أصحاب الأعراف { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ } إذا نظروا { تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } نحو أَهل النار { قَالُواْ رَبَّنَا } يا ربنا { لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } الكافرين في النار { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً } من الكفار { يَعْرِفُونَهُمْ } قبل دخولهم النار { بِسِيمَاهُمْ } بسواد وجوههم وزرقة أعينهم { قَالُواْ } يا وليد بن المغيرة ويا أَبا جهل بن هشام ويا أمية بن خلف ويا أبي بن خلف الجمحي ويا أسود بن عبد المطلب ويا سائر الرؤساء { مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ } من المال والخدم { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } تتعظمون عن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن ثم نظروا إلى أصحاب الجنة فرأوا في الجنة سلمان الفارسي وصهيباً وعماراً وسائر الضعفاء والفقراء قالوا { أَهَـٰؤُلاۤءِ } الضعفاء { ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ } حلفتم في الدنيا يا معشر الكفار { لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ } لا يدخلهم الله الجنة وقد دخلوا الجنة على رغم أنوفكم ثم يقول الله لأصحاب الأعراف { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ } من العذاب { وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ } صبوا { عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } من ثمار الجنة { قَالُوۤاْ } يعني أهل الجنة { إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا } يعني ثمار الجنة والماء { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً } باطلاً { وَلَعِباً } فرحاً ويقال ضحكة وسخرية { وَغَرَّتْهُمُ ٱلدُّنْيَا } ما في الدنيا من الزهرة والنعيم { فَٱلْيَوْمَ } يوم القيامة { نَنسَاهُمْ } نتركهم في النار { كَمَا نَسُواْ } كما تركوا { لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } الإقرار بيومهم هذا { وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا } بكتابنا ورسولنا { يَجْحَدُونَ } يكفرون.