الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } * { وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

{ قَالَ يَٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ } على بني إسرائيل { بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } وبتكلمي معك { فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ } فاعمل بما أعطيتك { وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } بتكليمي معك من بين الناس { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً } نهياً { وَتَفْصِيلاً } تبياناً { لِّكُلِّ شَيْءٍ } من الحلال والحرام والأمر والنهي { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } فاعمل بها بجد ومواظبة النفس { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } يعملوا بمحكمها ويؤمنوا بمتشابهها { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } يعني دار العاصين وهي جهنم ويقال العراق ويقال مصر { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي } عن الإقرار بآياتي { ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } بلا حقّ ويقال سأريكم يا محمد دار الفاسقين دار بدر ويقال مكة { وَإِن يَرَوْاْ } يعني فرعون وقومه ويقال أبو جهل وأصحابه { كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ } طريق الإسلام والخير { لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لا يحسبوه طريقاً { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ } طريق الكفر والشرك { يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } يحسبوه طريقاً { ذٰلِكَ } الذي ذكرت { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بكتابنا ورسولنا.

{ وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } جاحدين بها { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بكتابنا ورسولنا { وَلِقَآءِ ٱلآُخِرَةِ } البعث بعد الموت { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } بطلت حسناتهم في الشرك { هَلْ يُجْزَوْنَ } ما يجزون في الآخرة { إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا ويقولون من الشرك { وَٱتَّخَذَ } صاغ { قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ } من بعد انطلاق موسى إلى الجبل { مِنْ حُلِيِّهِمْ } من ذهبهم { عِجْلاً جَسَداً } مجسداً صغيراً { لَّهُ خُوَارٌ } صوت صاغ لهم السامري { أَلَمْ يَرَوْاْ } ألم يعلم قوم موسى { أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ } يعني العجل بشيء { وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } طريقاً { ٱتَّخَذُوهُ } عبدوه بالجهل { وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } صاروا ضارين لأنفسهم بعبادتهم إياه { وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ } ندموا على عبادتهم العجل { وَرَأَوْاْ } علموا وأيقنوا { أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } عن الحق والهدى { قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا } فيعذبنا { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } بالعقوبة { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } حزيناً حين سمع صوت الفتنة { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ } بئس ما صنعتم بعبادة العجل من بعد انطلاقي إلى الجبل { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } أسبقتم بعبادة العجل وعد ربكم { وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } من يده فانكسر منها لوحان { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } أي بشعر هارون { يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } إلى نفسه { قَالَ } هارون { ٱبْنَ أُمَّ } وقد كان أخاه من أبيه وأمه وإنما ذكر الأم لكي يرفق به { إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي } استذلوني { وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي } بخلافهم إياي { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ } فلا تفرح بي الأعداء أصحاب العجل { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } لا تعذبني في أصحاب العجل.