{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } من الذنوب { تَوْبَةً نَّصُوحاً } خالصة صادقة من قلوبكم وهو الندم بالقلب والاستغفار باللسان والإقلاع بالبدن والضمير على أن لا يعود إليه أبداً { عَسَىٰ رَبُّكُمْ } وعسى من الله واجب { أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } أن يغفر لكم ذنوبكم بالتوبة { وَيُدْخِلَكُمْ } في الآخرة { جَنَّاتٍ } بساتين { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا } من تحت شجرها ومساكنها { ٱلأَنْهَارُ } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { يَوْمَ } وهو يوم القيامة { لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ } كما يخزي الكفار يقول لا يعذب الله النبي { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } ولا يعذب الذين آمنوا به مثل أبي بكر وأصحابه { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ } يضيء { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } على الصراط { وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ } بعد ما ذهب نور المنافقين { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا } على الصراط { نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ } ذنوبنا { إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من إتمام النور والغفران { قَدِيرٌ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ } كفار مكة بالسيف حتى يسلموا { وَٱلْمُنَافِقِينَ } منافقي أهل المدينة باللسان بالزجر والوعيد { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } واشدد على كلا الفريقين بالقول والفعل { وَمَأْوَاهُمْ } مصير المنافقين والكفار { جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } صاروا إليه جهنم ثم خوف عائشة وحفصة لإيذائهما النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة نوح وامرأة لوط فقال { ضَرَبَ ٱللَّهُ } بيَّن الله { مَثَلاً } صفة { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالمرأتين الكافرتين { ٱمْرَأَتَ نُوحٍ } واهلة { وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ } واعلة { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } مرسلين { فَخَانَتَاهُمَا } فخالفتاهما في الدين وأظهرتا الإيمان باللسان وأسرتا النفاق بالقلب ولم تخونا بالفجور لأنه لم تفجر امرأة نبي قط { فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا } لم ينفعهما { مِنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { شَيْئاً } صلاح زوجيهما مع كفرهما { وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ } في الآخرة { مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } في النار ثم حثهما على التوبة والإحسان بامرأة فرعون آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران فقال { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً } بين الله صفة { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } بامرأتين مسلمتين { ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ } آسية بنت مزاحم { إِذْ قَالَتْ } في عذاب فرعون لها { رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ } لكي يهون عليَّ عذاب فرعون { وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ } من دين فرعون { وَعَمَلِهِ } عذابه { وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } الكافرين فلم يضرها كفر زوجها مع إيمانها وإخلاصها { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } حفظت فرجها يعني جيب درعها من الفواحش { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا } فنفخ جبريل في جيب قميصها بأمرنا فحملت بعيسى { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا } بما قال لها جبريل{ إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً } [مريم: 19] { وَكُتُبِهِ } وبكتبه التوراة والإنجيل وسائر الكتب ويقال بكلمات ربها بعيسى ابن مريم أن يكون بكلمة من الله كن فصار مخلوقاً وبكتابه الإنجيل { وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ } من المطيعين لله في الشدة و الرخاء.