الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } * { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

{ إِذْ جَعَلَ } أخذ { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } كفار مكة { فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } بمنعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } طمأنينته { عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } وأذهب عنهم الحمية { وَأَلْزَمَهُمْ } ألهمهم { كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ } لا إله إلا الله محمد رسول الله { وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا } بلا إله إلا الله محمد رسول الله في علم الله { وَأَهْلَهَا } وكانوا أهلها في الدنيا { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ } من الكرامة للمؤمنين { عَلِيماً لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ } حقق الله لرسوله { ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ } بالصدق حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه { لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } من العدو { مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ } من العدو فوفى الله على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأًصحابه { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } فعلم الله أن يكون إلى السنة القابلة ولم تعلموا أنتم ذلك { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ } من قبل ذلك { فَتْحاً قَرِيباً } سريعاً يعني فتح خيبر { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ } محمد عليه الصلاة والسلام { بِٱلْهُدَىٰ } بالتوحيد ويقال بالقرآن { وَدِينِ ٱلْحَقِّ } شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله { لِيُظْهِرَهُ } ليعليه { عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } على الأديان كلها فلا تقوم الساعة حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } بأن لا إله إلا الله { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } من غير شهادة سهيل بن عمرو { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } يعني أبا بكر أول من آمن به وقام معه يدعو الكفار إلى دين الله { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ } بالغلظة وهو عمر كان شديداً على أعداء الله قوياً في دين الله ناصراً لرسول الله { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } متوادون فيما بينهم بارون وهو عثمان بن عفان كان باراً على المسلمين بالنفقة عليهم رحيماً بهم { تَرَاهُمْ رُكَّعاً } في الصلاة { سُجَّداً } فيها وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان كثير الركوع والسجود { يَبْتَغُونَ } يطلبون { فَضْلاً } ثواباً { مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } مرضاة ربهم بالجهاد وهم طلحة والزبير كانا غليظين على أعداء الله شديدين عليهم { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } علامة السهر في وجوههم { مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } من كثرة السجود بالليل وهم سلمان وبلال وصهيب وأصحابهم { ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ } هكذا صفتهم { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ } صفتهم { فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ } وهو النبي صلى الله عليه وسلم { أَخْرَجَ } أي الله { شَطْأَهُ } فراخه وهو أبو بكر أول من آمن به وخرج معه على أعداء الله { فَآزَرَهُ } فأعانه وهو عمر أعان النبي صلى الله عليه وسلم بسيفه على أعداء الله { فَٱسْتَغْلَظَ } فتقوى بمال عثمان على الغزو والجهاد في سبيل الله { فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ } فقام على إظهار أمره في قريش بعلي بن أبي طالب { يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ } أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بطلحة والزبير { لِيَغِيظَ بِهِمُ } بطلحة والزبير { ٱلْكُفَّارَ } ويقال نزلت من قوله { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } إلى ها هنا في مدحة أهل بيعة الرضوان وجملة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المخلصين المطيعين لله { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { مِنْهُم مَّغْفِرَةً } أي لهم مغفرة لذنوبهم في الدنيا والآخرة { وَأَجْراً عَظِيماً } ثواباً وافراً في الجنة.