الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

{ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا } مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ويقولون في الدنيا { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ } أمرنا عبد الرحمن بن أبي بكر في القرآن { بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً } براً بهما وهو أبو بكر بن أبي قحافة وزوجته { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ } في بطنها { كُرْهاً } مشقة { وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } مشقة { وَحَمْلُهُ } في بطن أمه { وَفِصَالُهُ } فطامه عن اللبن { ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } انتهى ثمان عشرة سنة إلى ثلاثين سنة { وَبَلَغَ } انتهى { أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ } أبو بكر { رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ } ألهمني { أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } بالتوحيد { وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } بالتوحيد وقد كان آمن أبواه قبل هذا { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً } خالصاً { تَرْضَاهُ } تقبله { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } وأكرم ذريتي بالتوبة والإسلام ولم يكن مسلماً ابنه عبد الرحمن قبل هذا ثم أسلم بعد ذلك { إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ } إني أقبلت إليك بالتوبة { وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } مع المسلمين على دينهم { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } بإحسانهم { وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ } ولا نعاقبهم بها { فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ } مع أهل الجنة في الجنة { وَعْدَ ٱلصِّدْقِ } الجنة { ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } في الدنيا { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } وهو عبد الرحمن بن أبي بكر قال لأبيه وأمه قبل أن يسلم { أُفٍّ لَّكُمَآ } قذراً لكما { أَتَعِدَانِنِيۤ } أتحدثانني { أَنْ أُخْرَجَ } من القبر للبعث { وَقَدْ خَلَتِ } مضت { ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } ولم أرهم بعثوا وكان له جدان من أجداده ماتا في الجاهلية جدعان وعثمان ابنا عمرو عناهما { وَهُمَا } يعني أبويه { يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ } يدعوان الله { وَيْلَكَ } ضيق الله عليك دنياك { آمِنْ } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بالبعث { حَقٌّ } كائن بعد الموت { فَيَقُولُ } عبد الرحمن { مَا هَـٰذَآ } الذي يقول محمد { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } إلا كذب الأولين { أُوْلَـٰئِكَ } أجداد عبد الرحمن جدعان وعثمان { ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } هم الذين وجب عليهم القول بالسخط والعذاب { فِيۤ أُمَمٍ } مع أمم { قَدْ خَلَتْ } مضت { مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } كفار الجن والإنس في النار.

{ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } مغبونين لا يبعثون إلى الدنيا إلى يوم القيامة فأسلم عبد الرحمن وحسن إسلامه { وَلِكُلٍّ } أي لكل واحد من المؤمنين والكافرين { دَرَجَاتٌ } للمؤمنين في الجنة ودركات للكافرين في النار { مِّمَّا عَمِلُواْ } بما عملوا في الدنيا { وَلِيُوَفِّيَهُمْ } يوفرهم { أَعْمَالَهُمْ } جزاء أعمالهم { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.