الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } * { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }

{ فَكَيْفَ } يصنعون على وجه التعجب { إِذَآ أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ } عقوبة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بلي الشدق { ثُمَّ جَآءُوكَ } بعد ذلك { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } يعني حاطباً حلف بالله { إِنْ أَرَدْنَآ } ما أردنا بلي الشدق { إِلاَّ إِحْسَاناً } في الكلام { وَتَوْفِيقاً } صواباً { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ } يعني الذي لوى شدقه على النبي صلى الله عليه وسلم { يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } يعني ما في قلبه من النفاق وهو حاطب بن أبي بلتعة ويقال فكيف يصنعون أي أهل مسجد الضرار إذا أصابتهم مصيبة عقوبة بما قدمت أيديهم ببنائهم مسجد الضرار ثم جاؤوك بعد ذلك يحلفون بالله يعني ثعلبة وحاطباً حلفا بالله إن أردنا ببناء المسجد إلا إحساناً إلى المؤمنين وتوفيقاً موافقة في الدين أن تبعث إلينا فقيهاً أولئك الذين بنوا مسجد الضرار يعلم الله ما في قلوبهم من النفاق والخلاف { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } اتركهم ولا تعاقبهم في هذه المرة { وَعِظْهُمْ } بلسانك لكي لا يفعلوا مرة أخرى { وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } تقدم إليهم تقدماً وثيقاً في الوعيد إن فعلتم كذا أفعل بكم كذا { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ } ذلك الرسول { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } بأمر الله لا ليعمل بخلاف أمره ويلوى عليه الشدق برد حكمه { وَلَوْ أَنَّهُمْ } يعني أهل مسجد الضرار وحاطباً { إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } بلي الشدق وبناء مسجد الضرار { جَآءُوكَ } للتوبة { فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ } فتابوا إلى الله من صنيعهم { وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ } دعا لهم الرسول { لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً } متجاوزاً { رَّحِيماً } بهم بعد التوبة { فَلاَ وَرَبِّكَ } أقسم بنفسه وبعمر محمد { لاَ يُؤْمِنُونَ } في السر ولا يستحقون اسم الإيمان في السر { حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ } حتى يجعلوك حاكماً { فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } فيما التبس بينهم ويقال فيما اختلف بينهم من الحكم { ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } في قلوبهم { حَرَجاً } شكاً { مِّمَّا قَضَيْتَ } بينهم { وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } يخضعوا لك خضوعاً { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ } أوجبنا عليهم كما أوجبنا على بني إسرائيل { أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ } من منازلكم صفر { مَّا فَعَلُوهُ } بطيبة النفس { إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } من المخلصين رئيسهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ } يعني المنافقين { فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ } يؤمرون { بِهِ } من التوبة والإخلاص { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } في الآخرة مما هم عليه في السر { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } حقيقة في الدنيا.