الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } * { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } * { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }

{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ } قلعنا ورفعنا وحبسنا فوق رؤوسهم { ٱلطُّورَ } الجبل { بِمِيثَاقِهِمْ } بأخذ ميثاقهم { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ } باب أريحا { سُجَّداً } ركعاً { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } يوم السبت بأخذ الحيتان. { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } وثيقاً في محمد صلى الله عليه وسلم { فَبِمَا نَقْضِهِمْ } فبنقضهم { مِّيثَاقَهُمْ } فعلنا بهم ما فعلنا { وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } وبكفرهم بمحمد والقرآن ضربت عليهم الجزية { وَقَتْلِهِمُ } وبقتلهم { ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } بغير جرم أهلكناهم { وَقَوْلِهِمْ } وبقولهم { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أوعية لكل علم وهي لا تعي كلامك وعلمك { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا } بل ليس كما قالوا ولكن ختم الله على قلوبهم { بِكُفْرِهِمْ } بمحمد والقرآن { فَلاَ يُؤْمِنُونَ } بمحمد والقرآن { إِلاَّ قَلِيلاً } عبد الله بن سلام وأصحابه { وَبِكُفْرِهِمْ } بعيسى والإنجيل { وَقَوْلِهِمْ } وبقولهم { عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } وهي الفرية جعلناهم خنازير { وَقَوْلِهِمْ } وبقولهم { إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ } أهلك الله صاحبهم تطيانوس { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } ألقي شبه عيسى على تطيانوس فقتلوه بدل عيسى { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } في قتله { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } من قتله { مَا لَهُمْ بِهِ } بقتله { مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ } ولا الظن { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } أي يقيناً ما قتلوه { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } إلى السماء { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً } بالنقمة من أعدائه { حَكِيماً } بالنصرة لأوليائه نجى نبيه وأهلك صاحبهم { وَإِن مِّنْ } وما من { أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } اليهود والنصارى أحد { إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } بعيسى أنه لم يكن ساحراً ولا الله ولا ابنه ولا شريكه { قَبْلَ مَوْتِهِ } قبل خروج نفسه بعد نزول عيسى ثم يموت بعد كل يهودي يكون في زمنهم { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ } عيسى { عَلَيْهِمْ شَهِيداً } بالبلاغ { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } يقول فبظلمهم { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } عن ذكر دين الله { كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا } وباستحلال الربا { وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ } في التوراة { وَأَكْلِهِمْ } وبأكلهم { أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } بالظلم والرشوة حرمنا عليهم طيبات الثروب من الشحوم ولحم الإبل وألبانها أحلت لهم كانت عليهم حلالاً { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ } من اليهود { عَذَاباً أَلِيماً } وجيعاً يخلص وجعه إلى قلوبهم { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ } البالغون { فِي ٱلْعِلْمِ } في علم التوراة { مِنْهُمْ } من أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه يقرون بالقرآن وسائر الكتب وإن لم تقر به اليهود.

{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ } وجملة المؤمنين { يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ } من القرآن { وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } على سائر الأنبياء { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } المتمين الصلوات الخمس { وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } المؤدون زكاة أموالهم أيضاً يقرون بالقرآن وسائر الكتب { وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بالبعث بعد الموت أيضاً يقرون بالقرآن وسائر الكتب وكل هؤلاء يقرون بالقرآن وسائر الكتب إن لم يقر بها اليهود ثم بيَّن ثوابهم فقال { أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ } سنعطيهم { أَجْراً عَظِيماً } ثواباً وافراً في الجنة.