الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } * { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } * { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ وَقَالُوۤاْ } يعني أبا جهل وأصحابه { أَءِذَا ضَلَلْنَا } هلكنا { فِي ٱلأَرْضِ } بعد الموت { أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } تجدد بعد الموت هذا ما لا يكون { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ } بالبعث بعد الموت { كَافِرُونَ } جاحدون { قُلْ } لهم يا محمد { يَتَوَفَّاكُم } يقبض أرواحكم { مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } بقبض أرواحكم { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } في الآخرة { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ } مطأطئوا رؤوسهم { عِندَ رَبِّهِمْ } يوم القيامة { رَبَّنَآ } يقولون يا ربنا { أَبْصَرْنَا } علمنا ما لم نعلم { وَسَمِعْنَا } أيقنا بما لم نكن به موقنين { فَٱرْجِعْنَا } حتى نؤمن بك { نَعْمَلْ صَالِحاً } خالصاً { إِنَّا مُوقِنُونَ } مقرون بك وبكتابك ورسولك وبالبعث بعد الموت { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا } لأعطينا { كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } تقواها { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } وجب القول { مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } من كفار الجن والإنس { أَجْمَعِينَ } لولا ذلك لأكرمت كل نفس بالمعرفة والتوحيد { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ } تركتم الإقرار والعمل { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ } بلقاء يومكم { هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ } تركناكم في النار { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } الدائم { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الكفر { إِنَّمَا يُؤْمِنُ } يصدق { بِآيَاتِنَا } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ } دعوا { بِهَا } إلى الصلوات الخمس بالأذان والإقامة { خَرُّواْ سُجَّداً } أتوا تواضعاً { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } صلوا بأمر ربهم { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } لا يتعظمون عن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن والصلوات الخمس في الجماعة. نزلت هذه الآية في شأن المنافقين وكانوا لا يأتون الصلاة إلا كسالى متثاقلين { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ } تتقلب جنوبهم { عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } عن الفراش بعد النوم بالليل لصلاة التطوع { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } يعبدون ربهم بالصلوات الخمس ويقال ترفع جنوبهم من الفراش حتى يصلوا صلاة العشاء الأخيرة ويقال ترفع جنوبهم عن الفراش بعد النوم بالليل لصلاة التطوع { خَوْفاً } منه ومن عذابه { وَطَمَعاً } إليه وإلى رحمته { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أعطيناهم من المال { يُنفِقُونَ } يتصدقون به { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } فليس تعلم أنفسهم { مَّآ أُخْفِيَ لَهُم } ما أعد لهم وما رفع لهم وما ذخر لهم { مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } من طيبة النفس والثواب والكرامة في الجنة { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا من الخيرات { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً } مصدقاً في إيمانه وهو علي بن أبي طالب { كَمَن كَانَ فَاسِقاً } منافقاً في إيمانه وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط { لاَّ يَسْتَوُونَ } في الدنيا بالطاعة وفي الآخرة بالثواب والكرامة عند الله وكان بينهما كلام وتنازع حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يا فاسق ثم بيَّن مستقرهما بعد الموت فقال { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الخيرات فميا بينهم وبين ربهم { فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً } منزلاً ثواباً لهم في الآخرة { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا من الخيرات.