الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } * { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } * { هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

{ لَيْسُواْ سَوَآءً } أي ليس من آمن من أهل الكتاب كمن لم يؤمن { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } يقول منهم أمة جماعة عدول مهتدية بتوحيد الله وهو عبد الله بن سلام وأصحابه { يَتْلُونَ } يقرؤون { آيَاتِ ٱللَّهِ } القرآن { آنَآءَ ٱللَّيْلِ } ساعات الليل في الصلاة { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } يصلون لله { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } وبجملة الكتب والرسل { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بالبعث بعد الموت ونعيم الجنة { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } بالتوحيد واتباع الموت { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } عن الكفر والشرك واتباع الجبت والطاغوت { وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } يبادرون في الطاعات { وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } من صالحي أمة محمد ويقال مع صالحي أمة محمد في الجنة مثل أبي بكر وأصحابه { وَمَا يَفْعَلُواْ } يعني عبد الله بن سلام وأصحابه { مِنْ خَيْرٍ } مما ذكرت ويقال من إحسان إلى محمد وأصحابه { فَلَنْ يُكْفَروهُ } لن ينسى ثوابه بل يثابوا { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } الكفر والشرك والفواحش عبد الله بن سلام وأصحابه { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بمحمد والقرآن كعب وأصحابه { لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ } كثرة أموالهم { وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ } كثرة أولادهم { مِّنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أهل النار { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } دائمون { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يقول مثل نفقة اليهود في اليهودية { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } حر أو برد { أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ } زرع قوم { ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } بمنع حق الله منه { فَأَهْلَكَتْهُ } أحرقته كذلك الشرك يهلك النفقة كما أهلكت الريح الزرع { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ } بذهاب منفعة زرعهم ونفقتهم { وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بالكفر ومنع حق الله من الزرع. ثم نهى الله المؤمنين الأنصار وغيرهم عن محادثة اليهود وإفشاء السر إليهم فقال { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ } يعني اليهود { بِطَانَةً } وليجة { مِّن دُونِكُمْ } من دون المؤمنين المخلصين { لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً } لا يتركون الجهد في فسادكم { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ } تمنوا أن أثمتم وأشركتم كما أشركوا { قَدْ بَدَتِ } ظهرت { ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } على ألسنتهم بالشتم والطعن { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ } ما يضمرون في قلوبهم من البغض والعداوة { أَكْبَرُ } من ذلك { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ } أي علامة الحسد { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } ما يقرأ عليكم ويقال قد بينا لكم الآيات يعني الأمر والنهي { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } لكي تعلموا ما أمركم به { هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ } أنتم يا معشر المؤمنين { تُحِبُّونَهُمْ } يعني اليهود لقبل المصاهرة والرضاعة { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } لقبل الدين { وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ } تقرون بجملة الكتاب والرسل وهم لا يقرون بذلك { وَإِذَا لَقُوكُمْ } يعني منافقي اليهود { قَالُوۤاْ آمَنَّا } بمحمد والقرآن وأن صفته ونعته في كتابنا { وَإِذَا خَلَوْاْ } رجع بعضهم إلى بعض { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ } أطراف الأصابع { مِنَ ٱلْغَيْظِ } من الحنق { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ } بحنقكم { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } بما في القلوب من البغض والعداوة.