الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ }

{ رَبَّنَا } ويقولون أيضاً يا ربنا { لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } لا تمل قلوبنا عن دينك { بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } لدينك { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً } ثبتنا على دينك { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } للمؤمنين الذين قبلنا ويقال الوهاب النبوة والإسلام لمحمد { رَبَّنَآ } ويقولون يا ربنا { إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ } بعد الموت { لِيَوْمٍ } في يوم { لاَّ رَيْبَ فِيهِ } لا شك فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } البعث بعد الموت والحساب والصراط والميزان والجنة والنار { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني كعب بن الأشرف وأصحابه ويقال أبو جهل وأصحابه { لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ } كثرة أموالهم { وَلاَ أَوْلاَدُهُم } كثرة أولادهم { مِّنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } حطب النار { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } كصنع آل فرعون ويقول صنع بك قومك كذبوك وشتموك كما صنع قوم موسى بموسى كذبوه وشتموه ونصنع بهم يوم بدر كما صنعنا بقوم موسى يوم الغرق { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من قبل قوم موسى { كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بالكتاب والرسول الذي بعثنا إليهم { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } أهلكهم الله { بِذُنُوبِهِمْ } بتكذيبهم { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } إذا عاقب { قُلْ } يا محمد { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } كفار مكة { سَتُغْلَبُونَ } تقتلون يوم بدر { وَتُحْشَرُونَ } يوم القيامة { إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } الفراش والمصير { قَدْ كَانَ لَكُمْ } يا أهل مكة { آيَةٌ } علامة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم { فِي فِئَتَيْنِ } جمعين جمع محمد وجمع أبي سفيان { ٱلْتَقَتَا } يوم بدر { فِئَةٌ } جماعة { تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } في طاعة الله محمد وأصحابه وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً { وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ } وجماعة أخرى كافرة بالله والرسول أبو سفيان وأصحابه وكانوا تسعمائة وخمسين رجلاً { يَرَوْنَهُمْ } يرون أنفسهم { مِّثْلَيْهِمْ } مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم { رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } عياناً ظاهراً بالعين ويقال لها وجه آخر يقول { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } بني قريظة والنضير بالقتل والإجلاء { وَتُحْشَرُونَ } بعد الموت { إِلَى جَهَنَّمْ وَبِئْسَ المِهَاد } الفراش والمصير أخبرهم بذلك قبل بدر بسنتين ثم نزل { قَدْ كَانَ لَكُمْ } يا معشر اليهود { آيةٌ } علامة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم { فِي فِئَتَيْنِ } جمعين جمع محمد وجمع أبي سفيان { الْتَقَتَا } يوم بدر { فِئَةٌ } جماعة محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه { تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ } في طاعته { وَأُخْرَى كَافِرَةٌ } وجماعة أخرى { كَافِرَةٌ } بالله والرسول أبو سفيان وأصحابه { يَرَوْنَهُم } رأيتموهم يا معشر اليهود { مِّثْلَيْهِمْ } مثل أصحاب محمد { رَأْيَ الْعَيْنِ } عياناً ظاهراً { وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ } يقوي { بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ } يعني محمداً { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } في نصرة الله لمحمد يوم بدر { لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } في الدين يعني المؤمنين ويقال لمن أبصر بالعين ثم ذكر ما زين للكفار من نعيم الدنيا فقال { زُيِّنَ لِلنَّاسِ } حسن للناس في قلوبهم { حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ } اللذات { مِنَ ٱلنِّسَاءِ } يعني من الإماء والنساء { وَٱلْبَنِينَ } يعني العبيد والبنين { وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ } يعني الأموال المجموعة { مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ } ويقال يعني الأموال المضروبة المنقشة من الذهب والفضة والقنطار واحد وهو ملء مسك ثور ذهباً أو فضة ويقال ألف ومائتا مثقال والقناطير ثلاثة والمقنطرة تسعة { وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ } يعني الخيل الرواتع الحسان المعلمة { وَٱلأَنْعَامِ } يعني الغنم والبقر والإبل { وَٱلْحَرْثِ } يعني الزرع والمزرعة { ذٰلِكَ } الذي ذكرت { مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } منفعة للناس في الدنيا ثم تفنى ويقال ذلك هذا الذي ذكرت متاع الحياة الدنيا يقول بقاؤه كبقاء متاع البيت مثل القدح والسكرجة وغير ذلك { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ } المرجع في الآخرة يعني الجنة لمن ترك ذلك ثم بيَّن نعيم الآخرة وبقاءها وفضلها كما بيَّن نعيم الدنيا.