الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } * { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ وَٱبْتَغِ } اطلب { فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ } بما أعطاك الله بالمال { ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } يعني الجنة { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا } لا تترك نصيبك من الآخرة بنصيبك من الدنيا ويقال لا تنقص نصيبك من الدنيا بما أنفقت وأعطيت للآخرة { وَأَحْسِن } إلى الفقراء والمساكين { كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } بالمال { وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ } لا تعمل بالمعاصي وخلاف أمر الرسول موسى عليه الصلاة و السلام { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } بالمعاصي { قَالَ } قارون { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ } أعطيت هذا المال الذي أعطيت { عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } على ما علم الله أني أهل لذلك ويقال يصنع الذهب بالكيمياء { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } قارون { أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ } الماضية { مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً } بالبدن { وَأَكْثَرُ جَمْعاً } مالاً ورجالاً { وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون يوم القيامة كل يعرف بسيماه { فَخَرَجَ } قارون { عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } التي كانت له من الخيل والبغال والغلمان والجواري وحلي الذهب والفضة وألوان السلاح والثياب { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } وهم الراغبون { يَٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ } أعطي { قَارُونُ } من المال { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } نصيب كثير { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } أعطوا علم الزهد والتوكل وهم الزاهدون قالوا للراغبين { وَيْلَكُمْ } ضيق الله عليكم الدنيا { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ } في الجنة أفضل { لِّمَنْ آمَنَ } بالله وبموسى { وَعَمِلَ صَالِحاً } خالصاً فيما بينه وبين ربه { وَلاَ يُلَقَّاهَآ } لا يعطى الجنة { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } على أمر الله والمرازي ويقال لا يوفق للكلمة الطيبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } على أمر الله والمرازي { فَخَسَفْنَا بِهِ } بقارون { وَبِدَارِهِ } وبمنزله { ٱلأَرْضَ } غارت به الأرض { فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ } من جماعة وجند { يَنصُرُونَهُ } يمنعونه { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من عذاب الله حين نزل به { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } الممتنعين بنفسه من عذاب الله { وَأَصْبَحَ } صار { ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ } قدره ومنزلته وماله { بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ } بعضهم لبعض { وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ } ليس كما قال قارون إن هذا المال بصنعي ولكن الله { يَبْسُطُ } يوسع { ٱلرِّزْقَ } المال { لِمَن يَشَآءُ } على من يشاء { مِنْ عِبَادِهِ } وهو مكر منه كما كان لقارون { وَيَقْدِرُ } يقتر على من يشاء وهو نظر منه { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } فمنع عنا ما أعطاه { لَخَسَفَ بِنَا } غارت بنا الأرض كما خسف بقارون { وَيْكَأَنَّهُ } وأنه والياء والكاف صلة في الكلام { لاَ يُفْلِحُ } لا ينجو ولا يأمن { ٱلْكَافِرُونَ } من عذاب الله.