الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ }

{ فِي بُيُوتٍ } يقول هذه القناديل معلقة في بيوت ويقال بيوت { أَذِنَ ٱللَّهُ } أمر الله { أَن تُرْفَعَ } أن تبنى وهي المساجد { وَيُذْكَرَ فِيهَا } في المساجد { ٱسْمُهُ } توحيده { يُسَبِّحُ لَهُ } يصلى لله { فِيهَا } في المساجد { بِٱلْغُدُوِّ } غدوة صلاة الفجر { وَٱلآصَالِ } عشية صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ } لا تشغلهم { تِجَارَةٌ } في الجلب { وَلاَ بَيْعٌ } يداً بيد { عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } عن طاعة الله ويقال عن الأوقات الخمس { وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ } إتمام الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها من مواقيتها { وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ } أي أداء زكاة أموالهم { يَخَافُونَ يَوْماً } عذاب يوم وهو يوم القيامة { تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } حالاً بعد حال يعرفون حيناً ولا يعرفون حيناً { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } بإحسان ما عملوا في الدنيا { وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ } من كرامته بواحدة تسعة { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } بلا تقدير ولا هنداز ولا منة { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { أَعْمَالُهُمْ } مثل أعمالهم في الآخرة { كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ } في بقاع من الأرض { يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً } العطشان ماء من البعد { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } من الشراب فكذلك لا يجد الكافر من ثواب عمله شيئاً يوم القيامة { وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ } ووجد عند الله عقوبة ذنوبه ويقال وجد الله مستعداً لعذابه { فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } فوفره عذابه

{ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } شديد العذاب ويقال إذا حاسب فحسابه سريع { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ } يقول مثل النكرة في قلب الكافر كظلمة في بحر لجي في غمر عميق { يَغْشَاهُ } يعلوه يعني البحر { مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ } آخر { مِّن فَوْقِهِ } من فوق الموج الثاني { سَحَابٌ } كذلك قلب الكافر مثل النكرة في قلبه كظلمة البحر ومثل قلبه كالبحر اللجي ومثل صدره كالموج الهائل ومثل أعماله كسحاب لا ينتفع به لقول اللهختم الله } [البقرة: 7] طبع اللهطبع اللهُ على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم } [النحل: 108] فهذه { ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } من شدة الظلمة فكذلك الكافر لا يبصر الحق والهدى من شدة ظلمة قلبه { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً } معرفة في الدنيا { فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } من معرفة في الآخرة ويقال ومن لم يكرمه الله بالإيمان في الدنيا فما له من إيمان في الآخرة.