{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } يقول وإلى الذي مر على قرية تسمى دير هرقل وهو عزير بن شراحيل مر على قرية { وَهِيَ خَاوِيَةٌ ساقطة { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } على سقوفها { قَالَ أَنَّىٰ يُحْىِ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } يقول كيف يحيي الله أهل هذه القرية بعد موتهم { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ } مكانه فكان ميتاً { مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } أحياه في آخر النهار { قَالَ } الله { كَمْ لَبِثْتَ } مكثت يا عزير { قَالَ لَبِثْتُ } مكثت { يَوْماً } ثم نظر إلى الشمس وقد بقي منها شيء فقال { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ } الله { بَل لَّبِثْتَ } مكثت ميتاً { ماِْئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ } التين والعنب { وَشَرَابِكَ } العصير { لَمْ يَتَسَنَّهْ } لم يتغير { وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } إلى عظام حمارك كيف تلوح بيضاء { وَلِنَجْعَلَكَ } لكي نجعلك { آيَةً } علامة { لِلنَّاسِ } فِي إِحياء الموتى أنهم يحيون على ما يموتون لأنه مات شاباً وبعث شاباً فيقال جعله عبرة للناس لأنه كان ابن أربعين سنة وابنه ابن مائة وعشرين سنة { وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ } عظام الحمار { كَيْفَ نُنْشِزُهَا } ترفع بعضها على بعض وإن قرأت بالراء يقول كيف نخلقها { ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً } بعد ذلك يقول ننبت عليها العصب والعروق واللحم والجلد والشعر ونجعل فيه الروح بعد ذلك { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ } كيف يجمع الله عظام الموتى { قَالَ أَعْلَمُ } قد علمت { أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من الحياة والموت { قَدِيرٌ. وَإِذْ قَالَ } وقد قال { إِبْرَاهِيمُ } أيضاً { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } كيف تجمع عظام الموتى { قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن } توقن بذلك { قَالَ بَلَىٰ } أنا موقن { وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } لتسكن حرارة قلبي وأعلم بأني خليلك مستجاب الدعوة { قَالَ فَخُذْ } إليك مقدم ومؤخر { أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ } أشتاتاً أي مختلفاً ديكاً وغراباً وبطاً وطاووساً { فَصُرْهُنَّ } فقطعهن { إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ } ثم ضع { عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ } من أربعة أجبل { مِّنْهُنَّ جُزْءًا } بعضاً { ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ } بأسمائهن { يَأْتِينَكَ سَعْياً } مشياً { وَٱعْلَمْ } يا إبراهيم { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } بالنقمة لمن لم يقر بإحياء الموتى { حَكِيمٌ } يجمع عظام الموتى وإحيائهم كما جمع وأحيا هذه الطيور. ثم ذكر نفقة المؤمنين في سبيل الله فقال { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يقول مثل أموال الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله { كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ } أخرجت { سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ } منها { مِّاْئَةُ حَبَّةٍ } كذلك يضاعف نفقة المؤمنين في سبيل الله من واحد إلى سبعمائة { وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ } فوق ذلك { لِمَن يَشَآءُ } لمن كان أهلاً لذلك ويقال لمن قبل منه { وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } بالتضعيف { عَلِيمٌ } بنفقة المؤمنين وبنياتهم. { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف { ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ } بعد النفقة { مَنّاً } على الله { وَلاَ أَذًى } لصاحبها { لَّهُمْ أَجْرُهُمْ } ثوابهم { عِنْدَ رَبِّهِمْ } في الجنة { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلهم من العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفوا من خلفهم.