الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ وَإِذَا تَوَلَّىٰ } غضب { سَعَىٰ } مشى { فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا } بالمعاصي { وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ } الزرع والكدس بالحرق { وَٱلنَّسْلَ } يهلك الحيوان بالقتل { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } والمفسد { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } في صنعك { أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ } الحمية بالتكبر { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ } مصيره إلى جهنم { وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } الفراش والمصير نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق وكان حسن المنظر حلو المنطق وكان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بأني أحبك وأبايعك في السر ويحلف بالله على ذلك وكان منافقاً زعموا أنه أحرق كدس قوم وقتل حمار القوم { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي } من يشتري { نَفْسَهُ } بماله { ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } طلب رضا الله نزلت في صهيب بن سنان وأصحابه اشترى نفسه بماله من أهل مكة { وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } الذين قتلوا بمكة نزلت في أبوي عمار بن ياسر وسمية وغيرهم قتلهم مشركو أهل مكة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً } في شرائع دين محمد صلى الله عليه وسلم جميعاً { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } تزيين الشيطان في تحريم السبت ولحم الجمل وغير ذلك { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة { فَإِن زَلَلْتُمْ } ملتم عن شرائع دين محمد صلى الله عليه وسلم { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } بيان ما في كتابكم { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } بالنقمة لمن لا يتابع رسوله { حَكِيمٌ } في نسخ شرائع الأول نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه لكراهيتهم السبت ولحم الجمل وغير ذلك { هَلْ يَنظُرُونَ } هل ينتظر أهل مكة { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } بلا كيف يوم القيامة { فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } مقدم ومؤخر { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } فرغ من الأمر أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } عواقب الأمور في الآخرة { سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } قل لأولاد يعقوب { كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ } كم من مرة كلمناهم بالأمر والنهي وأكرمناهم بالدين في زمان موسى فبدلوا ذلك بالكفر { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } من يغير دين الله وكتابه بالكفر { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ } ما جاء محمد به { فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن كفر به { زُيِّنَ } حسن { لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أبي جهل وأصحابه { ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } مَا في الحياة الدنيا من سعة المعيشة { وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ } على الذين { آمَنُواْ } سلمان وبلال وصهيب وأصحابه بضيق المعيشة { وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } الكفر والشرك يعني سلمان وأصحابه { فَوْقَهُمْ } في الحجة في الدنيا والقدر والمنزلة في الجنة { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ } يوسع المال على من يشاء { بِغَيْرِ حِسَابٍ } بغير حرم وتكلف ويقال ويرزق من يشاء في الجنة بغير حساب بغير فوت ولا اهتداء.

{ كَانَ ٱلنَّاسُ } في زمن نوح وإبراهيم { أُمَّةً وَاحِدَةً } على ملة واحدة الكفر ويقال كانوا في زمن إبراهيم مسلمين { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ } من ذرية نوح وإبراهيم { مُبَشِّرِينَ } بالجنة لمن آمن بالله { وَمُنذِرِينَ } من النار لمن لم يؤمن بالله { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ } أنزل عليهم جبرائيل بالكتاب { بِٱلْحَقِّ } مبيناً الحق والباطل { لِيَحْكُمَ } كل نبي بكتابه { بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } في الدين ويقال ليحكم الكتاب وإن قرأت بالتاء أراد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم { وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ } في الدين ومحمد صلى الله عليه وسلم { إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ } أعطوه يعني الكتاب { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } بينات ما في كتابهم { بَغْياً بَيْنَهُمْ } حسداً منهم فكفروا به { فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالنبيين { لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } من الاختلاف في الدين { مِنَ ٱلْحَقِّ } إلى الحق ويقال فهدى الله الذين آمنوا فحفظ الله الذين آمنوا بالنبيين لما اختلفوا فيه من الاختلاف في الدين من الحق إلى الباطل { بِإِذْنِهِ } بكرامته وإرادته { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } من كان أهلاً لذلك ويقال يثبت من يشاء { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } على دين قائم يرضيه.