الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } * { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } * { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } * { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } * { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } * { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } * { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } * { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً }

{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } جبابرتها ورؤساءها بالطاعة إن قرأت بنصب الألف مخففاً ويقول كثرنا رؤساءها وجبابرتها وأغنياءها إن قرأت بفتح الألف ممدوداً ويقال سلطنا جبابرتها ورؤساءها إن قرأت بفتح الألف وتشديد الميم { فَفَسَقُواْ فِيهَا } فعملوا فيها بالمعاصي { فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ } وجب القول عليها بالعذاب { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } فأهلكناها إهلاكاً { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ } الماضية { مِن بَعْدِ نُوحٍ } من بعد قوم نوح { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } بهلاكهم وإن لم نبين لك وتعلم ذنوبهم وعذابهم { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ } يعني الدنيا بأداء ما افترض الله عليه { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا } أعطيناه في الدنيا { مَا نَشَآءُ } أن نعطيه { لِمَن نُّرِيدُ } أن نهلكه في الآخرة { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ } أوجبنا له { يَصْلاهَا } يدخلها { مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } مقصياً من ثواب كل خير نزلت هذه الآية في مرثد بن ثمامة { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ } يعني الجنة بأداء ما افترض الله عليه { وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا } عمل للجنة عملها { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } مع ذلك مؤمن مخلص بإيمانه { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم } عملهم { مَّشْكُوراً } مقبولاً نزلت هذه الآية في بلال المؤذن { كُلاًّ نُّمِدُّ } نعطي بالرزق { هَـٰؤُلاۤءِ } أهل الطاعة { وَهَـٰؤُلاۤءِ } أهل المعصية يمدون { مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ } رزق ربك { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ } رزق ربك { مَحْظُوراً } محبوساً عن البر والفاجر { ٱنظُرْ } يا محمد { كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } في الدنيا بالمال والخدم { وَلَلآخِرَةُ } وفي الآخرة { أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ } فضائل للمؤمنين { وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } فضائل للمؤمنين ثواباً في الدرجات { لاَّ تَجْعَل } لا تقل { مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً } ملوماً تلوم نفسك { مَّخْذُولاً } يخذلك معبودك { وَقَضَىٰ رَبُّكَ } أمر ربك { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ } أن لا توحدوا إلا بالله تعالى { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } براً بهما { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا } أحد الأبوين { أَوْ كِلاَهُمَا } كلا الأبوين { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ } كلاماً رديئاً ولا تقذرهما { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ولا تغلظ لهما في الكلام { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } ليناً حسناً { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ } لين جانبك لهما { مِنَ ٱلرَّحْمَةِ } كن رحيماً عليهما { وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا } إن كانا مسلمين { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } عالجاني في الصغر { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ } بما في قلوبكم من البر والكرامة بالوالدين { إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ } بارين بالوالدين { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ } للراجعين من الذنوب { غَفُوراً } متجاوزاً، نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } أعط ذا القرابة حقه يقول أمر بصلة القرابة { وَٱلْمِسْكِينَ } أمر بالإحسان إلى المسكين { وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } أمر بإكرام الضيف النازل به حقه ثلاثة أيام { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } لا تنفق مالك في غير حق الله وإن كان دانقاً ويقال في غير طاعة الله.