الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } * { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } * { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } * { سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ }

يقول تعالى مبيناً لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } كما قال تعالى:إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } [الدخان: 3] وذلك أن الله [تعالى]، ابتدأ بإنزاله في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمةً عامة، لا يقدر العباد لها شكراً. وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الآجال والأرزاق والمقادير القدرية. ثم فخّم شأنها، وعظم مقدارها، فقال: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم، { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث منَّ تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمراً طويلاً، نيفاً وثمانين سنة. { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر. وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصاً في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].