يقول تعالى: { ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } لأنهم اشتركوا في النفاق، فاشتركوا في تولي بعضهم بعضاً، وفي هذا قطع للمؤمنين من ولايتهم. ثم ذكر وصف المنافقين العام، الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير، فقال: { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } وهو الكفر والفسوق والعصيان. { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } وهو الإيمان، والأخلاق الفاضلة، والأعمال الصالحة، والآداب الحسنة. { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن الصدقة وطرق الإحسان، فوصفهم البخل. { نَسُواْ ٱللَّهَ } فلا يذكرونه إلا قليلاً، { فَنَسِيَهُمْ } من رحمته، فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة، بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار، خالدين فيها مخلدين. { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } حصر الفسق فيهم، لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم، بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم، وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم، إذ كانوا بين أظهرهم، والاحتراز منهم شديد. { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } جمع المنافقين والكفار في النار، واللعنة والخلود في ذلك، لاجتماعهم في الدنيا على الكفر، والمعاداة للّه ورسوله والكفر بآياته.
