الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

وكان اللّه قد أرى رسوله المشركين في الرؤيا عدداً قليلاً فبشر بذلك أصحابه، فاطمأنت قلوبهم وتثبتت أفئدتهم. ولو أراكهم الله إياهم كَثِيراً فأخبرت بذلك أصحابك { لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ } فمنكم من يرى الإقدام على قتالهم، ومنكم من لا يرى ذلك فوقع من الاختلاف والتنازع ما يوجب الفشل. { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } فلطف بكم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي: بما فيها من ثبات وجزع، وصدق وكذب، فعلم اللّه من قلوبكم ما صار سبباً للطفه وإحسانه بكم، وصدق رؤيا رسوله، فأرى اللّه المؤمنين عدوهم، قليلاً في أعينهم، ويقللكم - يا معشر المؤمنين - في أعينهم، فكل من الطائفتين ترى الأخرى قليلة، لتقدم كل منهما على الأخرى. { لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } من نصر المؤمنين وخذلان الكافرين وقتل قادتهم ورؤساء الضلال منهم، ولم يبق منهم أحد له اسم يذكر، فيتيسر بعد ذلك انقيادهم إذا دعوا إلى الإسلام، فصار أيضاً لطفاً بالباقين، الذين مَنَّ اللّه عليهم بالإسلام. { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } أي: جميع أمور الخلائق ترجع إلى اللّه، فيميز الخبيث من الطيب، ويحكم في الخلائق بحكمه العادل، الذي لا جور فيه ولا ظلم.