الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال: { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } أي: أوجدناهم من العدم، { وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده، فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار، لا يليق به أن يتركهم سدى، لا يؤمرون، ولا ينهون، ولا يثابون، ولا يعاقبون، ولهذا قال: { بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } أي: أنشأناكم للبعث نشأة أخرى، وأعدناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم. { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ } أي: يتذكر بها المؤمن، فينتفع بما فيها من التخويف والترغيب. { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي: طريقاً موصلاً إليه، فالله يبين الحق والهدى، ثم يخير الناس بين الاهتداء بها أو النفور عنها، مع قيام الحجة عليهم، { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } فإن مشيئة الله نافذة، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } فله الحكمة في هداية المهتدي، وإضلال الضال. { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } فيختصه بعنايته، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها. { وَٱلظَّالِمِينَ } الذين اختاروا الشقاء على الهدى { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [بظلمهم وعدوانهم].