الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

أي: إذا كانت القيامة برقت الأبصار من الهول العظيم، وشخصت فلا تطرف كما قال تعالى:إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } [إبراهيم: 42-43] { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } أي: ذهب نوره وسلطانه، { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } وهما لم يجتمعا منذ خلقهما الله تعالى، فيجمع الله بينهما يوم القيامة، ويخسف القمر، وتكور الشمس، ثم يقذفان في النار، ليرى العباد أنهما عبدان مسخران، وليرى من عبدهما أنهم كانوا كاذبين. { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ } حين يرى تلك القلاقل المزعجات: { أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } أي: أين الخلاص والفرار مما طرقنا وأصابنا؟ { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } أي: لا ملجأ لأحد دون الله، { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } لسائر العباد، فليس في إمكان أحد أن يستتر أو يهرب عن ذلك الموضع، بل لا بد من إيقافه ليجزى بعمله، ولهذا قال: { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } أي: بجميع عمله الحسن والسيء، في أول وقته وآخره، وينبأ بخبر لا ينكره، { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } أي: شاهداً ومحاسباً، { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } فإنها معاذير لا تقبل، ولا تقابل ما يقرر به العبد، فَيُقُّر به، كما قال تعالى:ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [الإسراء: 14]. فالعبد وإن أنكر، أو اعتذر عما عمله، فإنكاره واعتذاره لا يفيدانه شيئاً، لأنه يشهد عليه سمعه وبصره، وجميع جوارحه بما كان يعمل، ولأن استعتابه قد ذهب وقته وزال نفعه:فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } [الروم: 57].