الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }

{ ٱلْحَاقَّةُ } من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه، بما كرّره من قوله: { ٱلْحَاقَّةُ * مَا ٱلْحَآقَّةُ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } فإن لها شأناً عظيماً، وهولاً جسيماً، [ومن عظمتها أن الله أهلك الأمم المكذبة بها بالعذاب العاجل]، ثم ذكر نموذجاً من أحوالها الموجودة في الدنيا المشاهدة فيها، وهو ما أحله من العقوبات البليغة بالأمم العاتية، فقال: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } وهم القبيلة المشهورة، سكان الحجر، الذين أرسل الله إليهم رسوله صالحاً عليه السلام، ينهاهم عما هم عليه من الشرك، ويأمرهم بالتوحيد، فردوا دعوته وكذبوه، وكذبوا ما أخبرهم به من يوم القيامة، وهي القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها، وكذلك عاد الأولى، سكان حضرموت، حين بعث الله إليهم رسوله هوداً عليه الصلاة والسلام، يدعوهم إلى عبادة الله [وحده]، فكذبوه، وكذبوا بما أخبر به من البعث، فأهلك الله الطائفتين بالهلاك المعجل { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } وهي الصيحة العظيمة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم، وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يُرى إلا مساكنهم وجثثهم، { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف]، { عَاتِيَةٍ } [أي: ] عتت على خزانها، على قول كثير من المفسرين، أو عتت على عاد، وزادت على الحد كما هو الصحيح، { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } أي: نحساً وشراً فظيعاً عليهم، فدمرتهم وأهلكتهم، { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ } أي: هلكى موتى { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } أي: كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رؤوسها الخاوية، الساقط بعضها على بعض، { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } وهذا استفهام بمعنى النفي المتقرر.