الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

وهؤلاء هم أهل السعادة، يُعْطَوْنَ كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم، تمييزاً لهم، وتنويهاً بشأنهم، ورفعاً لمقدارهم، ويقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور، ومحبة أن يطلع الخلق على ما مَنَّ الله عليه به من الكرامة: { هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } أي: دونكم كتابي فاقرؤوه فإنه يبشر بالجنات، وأنواع الكرامات، ومغفرة الذنوب، وستر العيوب، والذي أوصلني إلى هذه الحال، ما مَنَّ الله به عليَّ من الإيمان بالبعث والحساب، والاستعداد له، بالممكن من العمل، ولهذا قال: { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } أي: أيقنت، فالظن - هنا - [بمعنى] اليقين، { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي: جامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وقد رضوها، ولم يختاروا عليها غيرها. { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } المنازل والقصور، عالية المحل. { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } أي: ثمرها وجناها، من أنواع الفواكه، قريبة، سهلة التناول على أهلها، ينالها أهلها، قياماً وقعوداً ومتكئين، ويقال لهم إكراماً: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } أي: من كل طعام لذيذ، وشراب شَهِيٍّ، { هَنِيئَاً } أي: تاماً كاملاً، من غير مكدر ولا منغص. وذلك الجزاء حصل لكم { بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } من الأعمال الصالحة - وترك الأعمال السيئة- من صلاة، وصيام، وصدقة، وحج، وإحسان إلى الخلق، وذكر لله، وإنابة إليه. فالأعمال جعلها الله سبباً لدخول الجنة، ومادة لنعيمها، وأصلاً لسعادتها.