الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ }

أي: قد نعلم أن الذي يقول المكذبون فيك يحزنك ويسؤك، ولم نأمرك بما أمرناك به من الصبر إلا لتحصل لك المنازل العالية والأحوال الغالية. فلا تظن أن قولهم صادر عن اشتباه في أمرك وشك فيك { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } لأنهم يعرفون صدقك ومدخلك ومخرجك، وجميع أحوالك، حتى إنهم كانوا يسمونه قبل البعثة الأمين. { وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي: فإن تكذيبهم لآيات الله التي جعلها الله على يديك. { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } فاصبر كما صبروا، تظفر كما ظفروا { وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } ما به يثبت فؤادك، ويطمئن به قلبك. { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } أي: شق عليك من حرصك عليهم ومحبتك لإيمانهم، فابذل وسعك في ذلك، فليس في مقدورك أن تهدي مَنْ لم يرد الله هدايته. { فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } أي: فافعل ذلك، فإنه لا يفيدهم شيئاً، وهذا قطع لطمعه في هدايته أشباه هؤلاء المعاندين. { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } ولكن حكمته تعالى اقتضت أنهم يبقون على الضلال. { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ } الذين لا يعرفون حقائق الأمور، ولا ينزلونها على منازلها.