الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم محذراً عن طاعة أكثر الناس: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } فإن أكثرهم قد انحرفوا في أديانهم وأعمالهم وعلومهم. فأديانهم فاسدة، وأعمالهم تبع لأهوائهم، وعلومهم ليس فيها تحقيق، ولا إيصال لسواء الطريق. بل غايتهم أنهم يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون، ومَنْ كان بهذه المثابة، فحري أن يحذر الله منه عبادَه، ويصف لهم أحوالهم لأن هذا -وإن كان خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم- فإن أمته أسوة له في سائر الأحكام التي ليست من خصائصه. والله تعالى أصدق قيلاً، وأصدق حديثاً، و { هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ } وأعلم بمن يهتدي. ويهدي. فيجب عليكم - أيها المؤمنون - أن تتبعوا نصائحه وأوامره ونواهيه لأنه أعلم بمصالحكم، وأرحم بكم من أنفسكم. ودلت هذه الآية على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك، فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً، الأعظمون - عند الله - قدراً وأجراً، بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل، بالطرق الموصلة إليه.