الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ }

يقول تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } من المطاعم والمشارب، فإنها نِعَم أنعم الله بها عليكم، فاحمدوه إذ أحلها لكم، واشكروه ولا تردوا نعمته بكفرها أو عدم قبولها، أو اعتقاد تحريمها، فتجمعون بذلك بين القول على الله الكذب، وكفر النعمة، واعتقاد الحلال الطيب حراماً خبيثاً، فإن هذا من الاعتداء. والله قد نهى عن الاعتداء فقال: { وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم على ذلك. ثم أمر بضد ما عليه المشركون، الذين يحرمون ما أحل الله فقال: { وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً } أي: كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان حلالاً لا سرقة ولا غصباً ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان أيضاً طيباً، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث. { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه. { ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ } فإن إيمانكم بالله يوجب عليكم تقواه ومراعاة حقه، فإنه لا يتم إلا بذلك. ودلت الآية الكريمة على أنه إذا حرم حلالاً عليه، من طعام وشراب، وسرية وأمة، ونحو ذلك، فإنه لا يكون حراماً بتحريمه، لكن لو فعله فعليه كفارة يمين، كما قال تعالى:يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } الآية [التحريم: 1]. إلاّ أن تحريم الزوجة فيه كفارة ظهار، ويدخل في هذه الآية أنه لا ينبغي للإنسان أن يتجنب الطيبات ويحرمها على نفسه، بل يتناولها مستعيناً بها على طاعة ربه.