أي: وقضينا لهؤلاء الظالمين الجاحدين للحق { قُرَنَآءَ } من الشياطين، كما قال تعالى:{ أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } [مريم: 83] أي: تزعجهم إلى المعاصي وتحثهم عليها، بسبب ما زينوا { لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } فالدنيا زخرفوها بأعينهم، ودعوهم إلى لذاتها وشهواتها المحرمة حتى افتتنوا، فأقدموا على معاصي اللّه، وسلكوا ما شاؤوا من محاربة اللّه ورسله، والآخرة بَعّدُوها عليهم وأنسوهم ذكرها، وربما أوقعوا عليهم الشُّبه بعدم وقوعها، فترحَّل خوفها من قلوبهم، فقادوهم إلى الكفر والبدع والمعاصي. وهذا التسليط والتقييض من اللّه للمكذبين الشياطين، بسبب إعراضهم عن ذكر اللّه وآياته، وجحودهم الحق كما قال تعالى:{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [الزخرف: 36-37]. { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي: وجب عليهم، ونزل القضاء والقدر بعذابهم { فِيۤ } جملة { أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } لأديانهم وآخرتهم، ومَنْ خسر، فلا بد أن يذل ويشقى ويُعذب.
