هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. { فَأَمَّا عَادٌ } فكانوا - مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسله - مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم. { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } قال تعالى رداً عليهم بما يعرفه كل أحد: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظراً صحيحاً، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة تناسب قوتهم التي اغتروا بها. { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } أي: ريحاً عظيمة، من قوّتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف. فسخرها اللّه عليهم{ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [الحاقة: 7] { نَّحِسَاتٍ } فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا: { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } الذي اختزوا به وافتضحوا بين الخليقة. { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } أي: لا يمنعون من عذاب اللّه، ولا ينفعون أنفسهم.