الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة. فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال، تمنياً مجرداً، لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها. ولأنه يقتضي السخط على قدر الله، والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة، التي لا يقترن بها عمل ولا كسب. وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه. ولهذا قال تعالى: { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ } أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب. { وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه. { وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا. فهذا كمال العبد وعنوان سعادته، لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين، فإن هذا مخذول خاسر. وقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } فيعطي من يعلمه أهلاً لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق.