يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول الرسل، أنه لما دعا قومه إلى اللّه تلك المدة الطويلة، فلم يزدهم دعاؤه، إلا فراراً، أنه نادى ربه فقال:{ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } الآية [نوح: 26]. وقال:{ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } [العنكبوت: 30] فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال: { فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناءً حسناً مستمراً إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سُنَّته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم. ودلّ قوله: { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } أن الإيمان أرفع منازل العباد، وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه.