الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * { وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: { فَٱسْتَفْتِهِمْ } أي: اسأل المشركين باللّه غيره، الذين عبدوا الملائكة، وزعموا أنها بنات اللّه، فجمعوا بين الشرك باللّه ووصفه بما لا يليق بجلاله، { أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } أي: هذه قسمة ضيزى، وقول جائر، من جهة جعلهم الولد للّه تعالى، ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له، وهو البنات التي لا يرضونهن لأنفسهم، كما قال في الآية الأخرىوَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [النحل: 57] ومن جهة جعلهم الملائكة بنات اللّه، وحكمهم بذلك. قال تعالى في بيان كذبهم: { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } خلقهم؟ أي: ليس الأمر كذلك، فإنهم ما شهدوا خلقهم، فدلَّ على أنهم قالوا هذا القول بلا علم، بل افتراء على اللّه، ولهذا قال: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } أي: كذبهم الواضح { لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }. { أَصْطَفَى } أي: اختار { ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } هذا الحكم الجائر { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } وتميزون هذا القول الباطل الجائر فإنكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول: { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } أي حجة ظاهرة على قولكم، من كتاب أو رسول. وكل هذا غير واقع ولهذا قال: { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فإن مَنْ يقول قولاً لا يقيم عليه حجة شرعية، فإنه كاذب متعمد، أو قائل على اللّه بلا علم.