يقول تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بالبعث والجزاء على الأعمال، { حَقٌّ } أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلّت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقاً، فتهيؤوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عمّا خلقتم له، { وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } الذي هو { ٱلشَّيْطَانَ } الذي هو عدوكم في الحقيقة { فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً } أي: لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائماً لكم بالمرصاد. { إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد. ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين، وذكر جزاء كل منهما، فقال: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: جحدوا ما جاءت به الرسل، ودلّت عليه الكتب { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في نار جهنم، شديد في ذاته ووصفه، وأنهم خالدون فيها أبداً. { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بقلوبهم، بما دعا اللّه إلى الإيمان به { وَعَمِلُواْ } بمقتضى ذلك الإيمان، بجوارحهم، الأعمال { ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ } لذنوبهم، يزول بها عنهم الشر والمكروه { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } يحصل به المطلوب.