الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } أي: العابدين لغير اللّه والمعبودين من دونه، من الملائكة. { ثُمَّ يَقُولُ } الله { لِلْمَلاَئِكَةِ } على وجه التوبيخ لمن عبدهم: { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } فتبرأوا من عبادتهم. و { قَالُواْ سُبْحَانَكَ } أي: تنزيهاً لك وتقديساً، أن يكون لك شريك أو ند { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } فنحن مفتقرون إلى ولايتك، مضطرون إليها، فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء؟!! ولكن هؤلاء المشركون { كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } أي: الشياطين، يأمرون بعبادتنا أو عبادة غيرنا، فيطيعونهم بذلك. وطاعتهم هي عبادتهم، لأن العبادة الطاعة، كما قال تعالى مخاطباً لكل مَن اتخذ معه آلهةأَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [يس: 60-61]. { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } أي: مصدقون للجِنِّ، منقادون لهم، لأن الإيمان هو التصديق الموجب للانقياد. فلما تبرأوا منهم قال تعالى [مخاطباً] لهم { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } تقطعت بينكم الأسباب، وانقطع بعضكم من بعض. { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالكفر والمعاصي - بعد ما ندخلهم النار - { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } فاليوم عاينتموها ودخلتموها، جزاء لتكذيبكم، وعقوبة لما أحدثه ذلك التكذيب، من عدم الهرب من أسبابها.