{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } أي: العابدين لغير اللّه والمعبودين من دونه، من الملائكة. { ثُمَّ يَقُولُ } الله { لِلْمَلاَئِكَةِ } على وجه التوبيخ لمن عبدهم: { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } فتبرأوا من عبادتهم. و { قَالُواْ سُبْحَانَكَ } أي: تنزيهاً لك وتقديساً، أن يكون لك شريك أو ند { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } فنحن مفتقرون إلى ولايتك، مضطرون إليها، فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء؟!! ولكن هؤلاء المشركون { كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } أي: الشياطين، يأمرون بعبادتنا أو عبادة غيرنا، فيطيعونهم بذلك. وطاعتهم هي عبادتهم، لأن العبادة الطاعة، كما قال تعالى مخاطباً لكل مَن اتخذ معه آلهة{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [يس: 60-61]. { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } أي: مصدقون للجِنِّ، منقادون لهم، لأن الإيمان هو التصديق الموجب للانقياد. فلما تبرأوا منهم قال تعالى [مخاطباً] لهم { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } تقطعت بينكم الأسباب، وانقطع بعضكم من بعض. { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالكفر والمعاصي - بعد ما ندخلهم النار - { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } فاليوم عاينتموها ودخلتموها، جزاء لتكذيبكم، وعقوبة لما أحدثه ذلك التكذيب، من عدم الهرب من أسبابها.