الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }

يخبر تعالى عن كمال قدرته بخلق { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أوّلها يوم الأحد وآخرها الجمعة، مع قدرته على خلقها بلحظة، ولكنه تعالى رفيق حكيم. { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } الذي هو سقف المخلوقات، استواء يليق بجلاله. { مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ } يتولاكم في أموركم فينفعكم { وَلاَ شَفِيعٍ } يشفع لكم إن توجه عليكم العقاب. { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } فتعلمون أن خالق الأرض والسماوات، المستوي على العرش العظيم، الذي انفرد بتدبيركم، وتوليكم، وله الشفاعة كلها، هو المستحق لجميع أنواع العبادة. { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } القدري والأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير { مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } فَيُسْعِدُ بها ويُشْقِي، ويُغْنِي ويُفْقِرُ، ويُعِزُّ ويُذِلُّ، ويُكرِمُ ويُهِينُ، ويرفع أقواماً ويضع آخرين، ويُنزل الأرزاق. { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } أي: الأمر ينزل من عنده، ويعرج إليه { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } وهو يعرج إليه ويصله في لحظة. { ذٰلِكَ } الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير في المملكة، { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها. { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } أي: كل مخلوق خلقه اللّه، فإن اللّه أحسن خلقه، وخلقه خلقاً يليق به ويوافقه، فهذا عام. ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال: { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } وذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر. { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } أي: ذرية آدم ناشئة { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } وهو النطفة المستقذرة الضعيفة. { ثُمَّ سَوَّاهُ } بلحمه وأعضائه وأعصابه وعروقه، وأحسن خلقته، ووضع كل عضو منه بالمحل الذي لا يليق به غيره، { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } بأن أرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، فيعود بإذن اللّه حيواناً بعد إذ كان جماداً. { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ } أي: ما زال يعطيكم من المنافع شيئاً فشيئاً، حتى أعطاكم السمع والأبصار { وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } الذي خلقكم وصوركم.