الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } * { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يخبر تعالى عن كمال قدرته، وتمام نعمته، أنه { يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً } من الأرض، { فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي: يمده ويوسعه { كَيْفَ يَشَآءُ } أي: على أي حالة أرادها من ذلك، ثم { يَجْعَلُهُ } أي: ذلك السحاب الواسع { كِسَفاً } أي: سحاباً ثخيناً، قد طبق بعضه فوق بعض. { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } أي: السحاب نقطاً صغاراً متفرقة، لا تنزل جميعاً، فتفسد ما أتت عليه. { فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ } بذلك المطر { مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يبشر بعضهم بعضاً بنزوله، وذلك لشدة حاجتهم وضرورتهم إليه، فلهذا قال: { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } أي: آيسين قانطين لتأخر وقت مجيئه، أي: فلما نزل في تلك الحال، صار له موقع عظيم [عندهم]، وفرح واستبشار. { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج كريم. { إِنَّ ذَلِكَ } الذي أحيا الأرض بعد موتها { لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فقدرته تعالى، لا يتعاصى عليها شيء، وإن تعاصى على قدر خلقه، ودق عن أفهامهم، وحارت فيه عقولهم.