الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } * { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

أي: أقبل بقلبك، وتوجه بوجهك، واسع ببدنك، لإقامة الدين القيِّم المستقيم، فنفذ أوامره ونواهيه بجد واجتهاد، وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة، وبادر زمانك وحياتك وشبابك، { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } وهو يوم القيامة، الذي إذا جاء لا يمكن رده، ولا يرجأ العاملون أن يستأنفوا العمل، بل فرغ من الأعمال، لم يبق إلاّ جزاء العمال. { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أي: يتفرقون عن ذلك اليوم، ويصدرون أشتاتاً متفاوتين، لِيُرَوْا أعمالهم. { مَن كَفَرَ } منهم { فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } ويعاقب هو بنفسه، لا تزر وازرة وزر أخرى، { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً } من الحقوق التي للّه، أو التي للعباد، الواجبة والمستحبة، { فَلأَنفُسِهِمْ } لا لغيرهم { يَمْهَدُونَ } أي: يهيئون، ولأنفسهم يعمرون آخرتهم، ويستعدون للفوز بمنازلها وغرفاتها، ومع ذلك، جزاؤهم ليس مقصوراً على أعمالهم، بل يجزيهم اللّه من فضله الممدود، وكرمه غير المحدود، ما لا تبلغه أعمالهم. وذلك لأنه أحبهم، وإذا أحب اللّه عبداً صبّ عليه الإحسان صباً، وأجزل له العطايا الفاخرة، وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة. وهذا بخلاف الكافرين، فإن اللّه لما أبغضهم ومقتهم، عاقبهم وعذبهم، ولم يزدهم كما زاد من قبلهم، فلهذا قال: { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }.