الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }

هذا إخبار عن تنزهه عن السوء والنقص، وتقدسه عن أن يماثله أحد من الخلق، وأمر للعباد أن يسبّحوه حين يمسون وحين يصبحون، ووقت العشي، ووقت الظهيرة. فهذه الأوقات الخمسة، أوقات الصلوات الخمس، أمر اللّه عباده بالتسبيح فيها والحمد، ويدخل في ذلك، الواجب منه، كالمشتملة عليه الصلوات الخمس، والمستحب، كأذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات، وما يقترن بها من النوافل، لأن هذه الأوقات التي اختارها اللّه [لأوقات المفروضات هي] أفضل من غيرها [فالتسبيح والتحميد فيها والعبادة فيها أفضل من غيرها]، بل العبادة، وإن لم تشتمل على قول " سبحان اللّه " فإن الإخلاص فيها تنزيه للّه بالفعل، أن يكون له شريك في العبادة، أو أن يستحق أحد من الخلق ما يستحقه من الإخلاص والإنابة. { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } كما يخرج النبات من الأرض الميتة، والسنبلة من الحبة، والشجرة من النواة، والفرخ من البيضة، والمؤمن من الكافر، ونحو ذلك. { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } بعكس المذكور { وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فينزل عليها المطر وهي ميتة هامدة، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } من قبوركم. فهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، أن الذي أحيا الأرض بعد موتها، فإنه يحيي الأموات، فلا فرق في نظر العقل بين الأمرين، ولا موجب لاستبعاد أحدهما مع مشاهدة الآخر.