أي: وكذلك ما فعلنا بعاد وثمود، وقد علمتم قصصهم، وتبين لكم بشيء تشاهدونه بأبصاركم من مساكنهم وآثارهم التي بانوا عنها، وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات، المفيدة للبصيرة، فكذبوهم وجادلوهم. { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } حتى ظنوا أنها أفضل مما جاءتهم به الرسل، وكذلك قارون، وفرعون، وهامان، حين بعث اللّه إليهم موسى بن عمران، بالآيات البينات، والبراهين الساطعات، فلم ينقادوا، واستكبروا في الأرض، [على عباد اللّه فأذلوهم، وعلى الحق فردوه فلم يقدروا على النجاء حين نزلت بهم العقوبة] { وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } اللّه، ولا فائتين، بل سلَّموا واستسلموا. { فَكُلاًّ } من هؤلاء الأمم المكذبة { أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } على قدره، وبعقوبة مناسبة له، { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } أي: عذاباً يحصبهم، كقوم عاد، حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم، و{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [الحاقة: 7]. { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ } كقوم صالح، { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } كقارون، { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } كفرعون وهامان وجنودهما. { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ } أي: ما ينبغي ولا يليق به تعالى أن يظلمهم لكمال عدله، وغناه التام عن جميع الخلق. { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } منعوها حقها التي هي بصدده، فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده، فهؤلاء وضعوها في غير موضعها، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي، فضروها غاية الضرر، من حيث ظنوا أنهم ينفعونها.