الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

أي: قل لهم يا محمد { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ } أي: مكة المكرمة التي حرمها وأنعم على أهلها، فيجب أن يقابلوا ذلك بالشكر والقبول. { وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ } من العلويات والسفليات، أتى به لئلا يتوهم اختصاص ربوبيته بالبيت وحده. { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي: أبادر إلى الإسلام، وقد فعل صلى الله عليه وسلم، فإنه أول هذه الأمة إسلاماً، وأعظمها استسلاماً، { وَ } أمرت أيضاً { أَنْ أَتْلُوَاْ } عليكم { ٱلْقُرْآنَ } لتهتدوا به وتقتدوا وتعلموا ألفاظه ومعانيه، فهذا الذي عليَّ وقد أديته، { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } نفعه يعود عليه، وثمرته عائدة إليه { وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } وليس بيدي من الهداية شيء. { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } الذي له الحمد في الأولى والآخرة، ومن جميع الخلق، خصوصاً أهل الاختصاص والصفوة من عباده، فإن الذي ينبغي أن يقع منهم من الحمد والثناء على ربهم، أعظم مما يقع من غيرهم، لرفعة درجاتهم وكمال قربهم منه، وكثرة خيراته عليهم. { سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } معرفة تدلكم على الحق والباطل، فلا بد أن يريكم من آياته ما تستنيرون به في الظلمات.لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } [الأنفال: 42]. { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل قد علم ما أنتم عليه من الأعمال والأحوال، وعلم مقدار جزاء تلك الأعمال، وسيحكم بينكم حكماً تحمدونه عليه، ولا يكون لكم حجةً بوجه من الوجوه عليه.