الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } * { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } * { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

يخوف تعالى عباده، ما أمامهم من يوم القيامة، وما فيه من المحن والكروب، ومزعجات القلوب، فقال: { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ } بسبب النفخ فيه { مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } أي: انزعجوا وارتاعوا، وماج بعضهم ببعض، خوفاً مما هو مقدمة له. { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } ممن أكرمه الله وثبته، وحفظه من الفزع، { وَكُلٌّ } من الخلق عند النفخ في الصور { أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } صاغرين ذليلين، كما قال تعالى:إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } [مريم: 93] ففي ذلك اليوم، يتساوى الرؤساء والمرؤوسون، في الذل والخضوع لمالك الملك. ومن هَوْلِه أنك { تَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } لا تفقد [شيئاً] منها، وتظنها باقية على الحال المعهودة، وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ، وقد تفتت، ثم تضمحل، وتكون هباءً منبثاً. ولهذا قال: { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } من خفتها، وشدة ذلك الخوف وذلك { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } فيجازيكم بأعمالكم. ثم بين كيفية جزائه فقال: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } اسم جنس يشمل كل حسنةٍ، قولية أو فعلية أو قلبية { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } هذا أقل التفضيل. { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } أي: من الأمر الذي فزع الخلق لأجله آمنون، وإن كانوا يفزعون معهم. { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } اسم جنس، يشمل كل سيئة { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } أي: ألقوا في النار على وجوههم، ويقال لهم: { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.