الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } * { ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } * { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } * { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ }

يخبر تعالى عن كمال عدله، في إهلاك المكذبين، وأنه ما أوقع بقرية، هلاكاً وعذاباً، إلا بعد أن يعذر منهم، ويبعث فيهم النُّذُر بالآيات البينات، ويدعونهم إلى الهدى، وينهونهم عن الردى، ويذكرونهم بآيات الله، وينبهونهم على أيامه في نعمه ونقمه. { ذِكْرَىٰ } لهم وإقامة حجة عليهم. { وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } فنهلك القرى قبل أن ننذرهم، ونأخذهم وهم غافلون عن النذر، كما قال تعالى:وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15]رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } [النساء: 165]. ولما بيَّن تعالى كمال القرآن وجلالته، نزهه عن كل صفة نقص، وحماه - وقت نزوله، وبعد نزوله - من شياطين الجن والإنس، فقال: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ } أي: لا يليق بحالهم ولا يناسبهم { وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } ذلك. { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } قد أبعدوا عنه، وأعدت لهم الرجوم لحفظه، ونزل به جبريل أقوى الملائكة، الذي لا يقدر شيطان أن يقربه، أو يحوم حول ساحته، وهذا كقوله:إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9].