الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } * { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } * { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } إلى آخر السورة الكريمة. العبودية لله نوعان: عبودية لربوبيته، فهذه يشترك فيها سائر الخلق، مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فكلهم عبيد لله مربوبون مدبرونإِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } [مريم: 39] وعبودية لألوهيته، وعبادته، ورحمته، وهي عبودية أنبيائه، وأوليائه، وهي المراد هنا، ولهذا أضافها إلى اسمه " الرحمن " إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال بسبب رحمته، فذكر أن صفاتهم أكمل الصفات، ونعوتهم أفضل النعوت، فوصفهم بأنهم { يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً } أي: ساكنين متواضعين لله والخلق، فهذا وصف لهم بالوقار، والسكينة، والتواضع لله ولعباده. { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ } أي: خطاب جهل، بدليل إضافة الفعل، وإسناده لهذا الوصف، { قَالُواْ سَلاَماً } أي: خاطبوهم خطاباً يسلمون فيه من الإثم، ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله. وهذا مدح لهم، بالحلم الكثير، ومقابلة المسيء بالإحسان، والعفو عن الجاهل، ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال. { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } أي: يكثرون من صلاة الليل، مخلصين فيها لربهم، متذللين له، كما قال تعالى:تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [السجدة: 16-17]. { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } أي: ادفعه عنا، بالعصمة من أسبابه، ومغفرة ما وقع منا، مما هو مقتض للعذاب. { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } أي: ملازماً لأهلها، بمنزلة ملازمة الغريم لغريمه. { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } وهذا منهم، على وجه التضرع لربهم، وبيان شدة حاجتهم إليه، وأنهم ليس في طاقتهم احتمال هذا العذاب، وليتذكروا مِنَّة الله عليهم، فإن صرف الشدة، بحسب شدتها وفظاعتها، يعظم وقْعُها ويشتد الفرح بصرفها. { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ } النفقات الواجبة والمستحبة { لَمْ يُسْرِفُواْ } بأن يزيدوا على الحد، فيدخلوا في قسم التبذير، وإهمال الحقوق الواجبة، { وَلَمْ يَقْتُرُواْ } فيدخلوا في باب البخل والشح { وَكَانَ } إنفاقهم { بَيْنَ ذَلِكَ } بين الإسراف والتقتير { قَوَاماً } يبذلون في الواجبات من الزكوات، والكفارات، والنفقات الواجبة، وفيما ينبغي على الوجه الذي ينبغي، من غير ضرر ولا ضرار، وهذا من عدلهم واقتصادهم. { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ } بل يعبدونه وحده، مخلصين له الدين، حنفاء، مقبلين عليه، معرضين عما سواه. { وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ } وهي نفس المسلم، والكافر المُعَاهد، { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } كقتل النفس بالنفس، وقتل الزاني المحصن، والكافر الذي يحل قتله. { وَلاَ يَزْنُونَ } بل يحفظون فروجهم

السابقالتالي
2 3 4