الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }

أولئك، أي: المنافقون الموصوفون بتلك الصفات { ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } أي: رغبوا في الضَّلالة رغبة المشتري بالسلعة، التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة، وهذا من أحسن الأمثلة، فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبةً عنه بالضلالة، رغبة فيها، فهذه تجارتهم، فبئس التجارة، وبئس الصفقة صفقتهم. وإذا كان من بذل ديناراً في مقابلة درهم خاسراً، فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهماً؟! فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة، واختار الشقاء على السعادة، ورغب في سافل الأمور عن أعاليها؟! فما ربحت تجارته، بل خسر فيها أعظم خسارة.قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [الزمر: 15]. وقوله: { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } تحقيق لضلالهم، وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء، فهذه أوصافهم القبيحة. ثم ذكر مثلهم الكاشف لها غاية الكشف، فقال: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ... }.