الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

{ وَقَالُواْ } أي: اليهود والنصارى والمشركون، وكل من قال ذلك: { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } ، فنسبوه إلى ما لا يليق بجلاله، وأساؤوا كل الإساءة، وظلموا أنفسهم. وهو - تعالى - صابر على ذلك منهم، قد حلم عليهم، وعافاهم، ورزقهم مع تنقصهم إياه. { سُبْحَـٰنَهُ } ، أي: تنزه وتقدس عن كل ما وصفه به المشركون والظالمون مما لا يليق بجلاله. فسبحان من له الكمال المطلق، من جميع الوجوه، الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه. ومع رده لقولهم، أقام الحجة والبرهان على تنزيهه عن ذلك، فقال: { بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: جميعهم ملكه وعبيده، يتصرف فيهم تصرف المالك بالمماليك، وهم قانتون له مسخرون تحت تدبيره، فإذا كانوا كلهم عبيده، مفتقرين إليه، وهو غني عنهم، فكيف يكون منهم أحد، يكون له ولداً، والولد لا بد أن يكون من جنس والده، لأنه جزء منه. والله تعالى المالك القاهر، وأنتم المملوكون المقهورون، وهو الغني وأنتم الفقراء، فكيف مع هذا، يكون له ولد؟ هذا من أبطل الباطل وأسمجه. والقنوت نوعان: قنوت عام: وهو قنوت الخلق كلهم، تحت تدبير الخالق، وخاص: وهو قنوت العبادة. فالنوع الأول كما في هذه الآية، والنوع الثاني: كما في قوله تعالى:وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } [البقرة: 238]. ثم قال: { بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق. { وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } ، فلا يستعصى عليه، ولا يمتنع منه.