الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } * { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً }

المراد بالإنسان هاهنا، كل منكر للبعث، مستبعد لوقوعه، فيقول - مستفهماً على وجه النفي والعناد والكفر - { أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } أي: كيف يعيدني الله حياً بعد الموت، وبعد ما كنت رميماً؟!! هذا لا يكون ولا يتصور، وهذا بحسب عقله الفاسد ومقصده السيء، وعناده لرسل الله وكتبه، فلو نظر أدنى نظر، وتأمل أدنى تأمل، لرأى استبعاده للبعث، في غاية السخافة، ولهذا ذكر تعالى برهاناً قاطعاً، ودليلاً واضحاً، يعرفه كل أحد على إمكان البعث فقال: { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } أي: أو لا يلفت نظره، ويستذكر حالته الأولى، وأن الله خلقه أول مرة، ولم يك شيئاً، فمن قدر على خلقه من العدم، ولم يكن شيئاً مذكوراً، أليس بقادر على إنشائه بعد ما تمزق، وجمعه بعد ما تفرق؟ وهذا كقوله:وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27]. وفي قوله: { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ } دعوة للنظر، بالدليل العقلي، بألطف خطاب، وأن إنكار من أنكر ذلك، مبني على غفلة منه عن حاله الأولى، وإلا فلو تذكرها وأحضرها في ذهنه، لم ينكر ذلك.