الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } * { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً }

يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية والإضلال، فمن يهده، فييسره لليسرى ويجنبه العسرى، فهو المهتدي على الحقيقة، ومن يضلله، فيخذله، ويكله إلى نفسه، فلا هادي له من دون الله، وليس له ولي ينصره من عذاب الله، حين يحشرهم الله على وجوههم خزياً وإهانه، عمياً وبكماً، لا يبصرون ولا ينطقون. { مَّأْوَاهُمْ } أي: مقرهم ودارهم { جَهَنَّمُ } التي جمعت كل همٍّ وغم وعذاب. { كُلَّمَا خَبَتْ } أي: تهيأت للانطفاء { زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } أي: سعرناها بهم لا يفتر عنهم العذاب، ولا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، ولم يظلمهم الله تعالى، بل جازاهم بما كفروا بآياته وأنكروا البعث الذي أخبرت به الرسل ونطقت به الكتب وعجزوا ربهم وأنكروا تمام قدرته. { وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } أي: لا يكون هذا لأنه في غاية البعد عن عقولهم الفاسدة. { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } وهي أكبر من خلق الناس. { قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } بلى، إنه على ذلك قدير. { وَ } لكنه قد { جَعَلَ } لذلك { أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } ولا شك، وإلا فلو شاء لجاءهم به بغتة، ومع إقامته الحجج والأدلة على البعث. { فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } ظلماً منهم وافتراء. { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي } التي لا تنفذ ولا تبيد. { إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ } أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل.