الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } * { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } * { ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً }

يقول تعالى: { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } أي: كبراً وتيهاً وبطراً، متكبراً على الحق، ومتعاظماً على الخلق. { إِنَّكَ } في فعلك ذلك { لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } في تكبرك بل تكون حقيراً عند الله، ومحتقراً عند الخلق، مبغوضاً ممقوتاً، قد اكتسبت أشر الأخلاق، واكتسيت أرذلها، من غير إدراك لبعض ما تروم. { كُلُّ ذٰلِكَ } المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله: { لاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } والنهي عن عقوق الوالدين، وما عطف على ذلك، { كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } أي: كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم، والله تعالى يكرهه ويأباه. { ذَلِكَ } الذي بيناه ووضحناه من هذه الأحكام الجليلة، { مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ } فإن الحكمة الأمر بمحاسن الأعمال، ومكارم الأخلاق، والنهي عن أراذل الأخلاق، وأسوأ الأعمال. وهذه الأعمال المذكورة في هذه الآيات من الحكمة العالية، التي أوحاها رب العالمين لسيد المرسلين في أشرف الكتب، ليأمر بها أفضل الأمم، فهي من الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً. ثم ختمها بالنهي عن عبادة غير الله كما افتتحها بذلك فقال: { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ } أي: خالداً مخلداً، فإنه من يشرك بالله، فقد حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النار. { مَلُوماً مَّدْحُوراً } أي: قد لحقتك اللائمة واللعنة والذم من الله وملائكته والناس أجمعين.