الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

يخبر تعالى عن حال الذين كفروا في يوم القيامة، وأنه لا يقبل لهم عذر، ولا يرفع عنهم العقاب، وأن شركاءهم تتبرأ منهم، ويقرون على أنفسهم بالكفر والافتراء على الله، فقال: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } يشهد عليهم بأعمالهم، وماذا أجابوا به الداعي إلى الهدى، وذلك الشهيد الذي يبعثه الله أزكى الشهداء وأعدلهم، وهم الرسل الذين إذا شهدوا تم عليهم الحكم. فـ { لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا } في الاعتذار، لأن اعتذارهم بعد ما علم يقيناً بطلان ما هم عليه، اعتذار كاذب لا يفيدهم شيئاً، وإن طلبوا أيضاً الرجوع إلى الدنيا، ليستدركوا لم يجابوا ولم يعتبوا، بل يبادرهم العذاب الشديد الذي لا يخفف عنهم من غير إنظار، ولا إمهال من حين يرونه، لأنهم لا حساب عليهم لأنهم لا حسنات لهم، وإنما تعد أعمالهم وتحصى، ويوقفون عليها ويقرون بها ويفتضحون. { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } يوم القيامة وعلموا بطلانها، ولم يمكنهم الإنكار. { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } ليس عندها نفع ولا شفع، فنوَّهوا بأنفسهم ببطلانها، وكفروا بها، وبدت البغضاء والعداوة بينهم وبينها، { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } أي: ردت عليهم شركاؤهم قولهم، فقالت لهم: { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } حيث جعلتمونا شركاء لله، وعبدتمونا معه، فلم نأمركم بذلك، ولا زعمنا أن فينا استحقاقاً للألوهية، فاللوم عليكم. فحينئذ استسلموا لله، وخضعوا لحكمه، وعلموا إنهم مستحقون للعذاب. { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } فدخلوا النار، وقد امتلأت قلوبهم من مقت أنفسهم، ومن حمد ربهم، وأنه لم يعاقبهم إلا بما كسبوا.