الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } * { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له، ويستدل على ذلك بانفراده بالنعم والوحدانية فقال: و { لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } أي: تجعلون له شريكاً في إلهيته، وهو { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } متوحد في الأوصاف العظيمة، متفرد بالأفعال كلها. فكما أنه الواحد في ذاته، وأسمائه ونعوته وأفعاله، فَلْتُوحِّدوه في عبادته، ولهذا قال: { فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } أي: خافوني، وامتثلوا أمري، واجتنبوا نهيي، من غير أن تشركوا بي شيئاً من المخلوقات، فإنها كلها لله تعالى مملوكة. { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } أي: الدين والعبادة، والذل في جميع الأوقات، لله وحده، على الخلق أن يخلصوه لله، وينصبغوا بعبوديته. { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } من أهل الأرض أو أهل السماوات، فإنهم لا يملكون لكم ضراً ولا نفعاً، والله المنفرد بالعطاء والإحسان، { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ } ظاهرة وباطنة { فَمِنَ ٱللَّهِ } لا أحد يشركه فيها، { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } من فقر ومرض وشدة { فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } أي: تضجون بالدعاء والتضرع، لعلمكم أنه لا يدفع الضر والشدة إلا هو، فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبون، وصرف ما تكرهون، هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده. ولكن كثيراً من الناس، يظلمون أنفسهم، ويجحدون نعمة الله عليهم إذا نجاهم من الشدة فصاروا في حال الرخاء، أشركوا به بعض مخلوقاته الفقيرة، ولهذا قال: { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } أي: أعطيناهم، حيث نجيناهم من الشدة، وخلصناهم من المشقة، { فَتَمَتَّعُواْ } في دنياكم قليلاً { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة كفركم.